تداولات حذرة في أسواق المال الخليجية

امتصت التصريحات التي أدلى بها المسئولون في الإمارات الأسبوع الماضي موجة التراجع في البورصات الخليجية. وجاءت التصريحات لتجيب على مجموعة من الأسئلة التي كانت محط اهتمام وأهمها كيف ستعالج الأزمة بعد الضجة الكبيرة التي رافقت إعلان دبي عن إعادة هيكلة ديون مجموعة "دبي العالمية".

طمأن الحديث الذي الذي القاه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة والذي أوحى فيه بوحدة المصير على ضوء ما نتج عن الأزمة، مصرحا أنه مع جهود الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة وحاكم دبي، وقد تقلصت خسائر أسواق الأسهم، التي انحدرت إلى الحدود الدنيا على مدى يومين بعد أول يوم تداول، وســـحبت معها بورصات دول الخليج، التي استعادت تداولاتها بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى، وعلى رغم تطمينات القيادات المالية عن سلامة النظام المصرفي والاقتصادي في الإمارات، وإعلان «دبي العالمية» عن خطة إعادة هيكلتها، بدأت أسواق الأسهم في الإمارات تداولات اليوم الثاني بخسائر قاسية، متأثرة بضغط طلبات بيع بملايين الدراهم.

وكانت بورصات المنطقة قد شهدت موجة من الانخفاضات المتتالية بعد الأزمة التي نتجت عن تصريحات دبي إعادة هيكلة مديونية دبي العالمية. وسارعت العديد من البنوك المحلية والاجنبية إلى إعادة حساباتها وهي تراجع مدى المديونية التي قد تعرضها للانكشاف لديون دبي العالمية.

عاشت بورصات المنطقة أيام حرجة مع تسجيلها لتراجعات قوية خلال الأسبوع الماضي، وينظر المستثمرون بقلق بالغ إلى ماذا سيحدث هذا الأسبوع، وهل سيستمر التراجع بنفس النسب التي حدثت مؤخرا.

14 مليار دولار في يومين

تراجعت بورصة دبي في آخر تداولاتها الثلاثاء الماضي بـ6.158 %بينما تراجعت سوق ابوظبي بـ5.89 %، أما سوق الكويت التي شهدت أول جسلة تداول بعد عطلة عيد الأضحى، فقد انخفضت بـ2.2 %.

وتراجع مؤشر دبي منذ اللحظات الأولى ب 6.25 % ليرتفع بشكل طفيف بعد ذلك، وانخفضت قيمة اسهم اعمار القيادية بالنسبة القصوى تقريبا «9.87 %»، علما بأن الحدود القصوى للتراجع هي 10 %.

وفي ابوظبي تراجع المؤشر بعد دقائق من الافتتاح بنسبة 6.20 % ليرتفع بعد ذلك بشكل طفيف أيضا، وسجلت اكبر الخسائر في قطاعي العقارات «9.90 %» والطاقة «9.10 %».

وأتى التراجع الحاد في السوقين الإماراتيتين بالرغم من إعلان حكومة دبي وجوب عدم الخلط بين مديونية دبي ودبي العالمية.

كما يستمر التراجع بالرغم من إعلان مجموعة دبي العالمية عن خطتها لهيكلة بعض شركاتها، وبينها شركة نخيل العقارية، على خمس مراحل تتضمن بيع أصول، موضحة أن ديون الشركات المعنية باعادة الهيكلة تبلع نحو 26 مليار دولار.

وكانت مجموعة دبي العالمية أعلنت قبل ذلك عن تجميد استحقاقات ديونها لمدة ستة أشهر على الأقل ضمن خطة لإعادة الهيكلة، ما تسبب بصدمة في الأسواق العالمية جراء ازدياد المخاوف من عدم قدرة الشركات التابعة لحكومة وسجل القطاع المصرفي أقوى الخسائر اذ انخفضت اسهمه بنسبة 4.63 % بينما خسرت أسهم العقار 2.4 % والشركات الاستثمارية 2 %.

وأتى الانخفاض في سوق الكويت بالرغم من تاكيد المصرف المركزي أن مصرفين كويتيين فقط منكشفان على ديون مجموعة دبي العالمية بديون بقيمة 120 مليون دولار.

وكانت مصادر مالية قدرت ديون المجموعة ب59 مليار دولار تشكل الجزء الأكبر من ديون حكومة إمارة دبي والشركات التابعة لها المقدرة بثمانين مليار دولار.

وهبط مؤشر سوق قطر المالية الثلاثاء الماضي بشكل حاد عند الافتتاح، في أول ردة فعل على أزمة ديون مجموعة دبي العالمية، حيث تراجع المؤشر بنسبة 9 %.

وتكبدت أسواق الأسهم في الإمارات خسائر بقيمة 4.6 بليون دولار، لترتفع إلى 14 بليوناً في يومين، على رغم أنها قلصت خسائرها في نهاية الجلسة، إثر تأكيد رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أن الدولة تجاوزت المرحلة الأصعب من الأزمة العالمية، وإعلان نائبه، رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن «رد الفعل العالمي الأخير على أنباء إعادة هيكلة مجموعة دبي العالمية «يدل على وجود قصور في فهم ما يجرى في دبي.

كما تراجعت بورصة قطر 8.3 في المئة، وأغلقت بورصة الكويت على تراجع 2.7 في المئة توازي 188 نقطة، وهبط مؤشر سوق البحرين 4.380 نقط وقطر 28.7 نقطة، في حين نجت السوق المالية السعودية من انتقال العدوى إليها، بسبب إغلاقها حتى يوم السبت المقبل.

وعلى رغم انحسار قلق الأسواق العالمية في شأن أزمة ديون دبي العالمية وتأكيد «وكالة موديز» أن إعادة هيكلة التزامات شركة دبي العالمية لن تهدد الجدارة الائتمانية للحكومة الاتحادية، خسرت سوق دبي المالية 5.6 في المئة من قيمتها، وتراجعت سوق أبو ظبي 3.6 في المئة، جراء تهافت المستثمرين على التخلص من أسهمهم، في مقابل طلبات شراء متواضعة.

وقال محللون ماليون أن مواصلة تراجع أسواق الأسهم في الإمارات ودول خليجية، قادت إلى حذر المستثمرين من انكشاف المصارف في المنطقة على ديون «دبي العالمية»، التي أكد مسؤولون أن حكومة الإمارة لا تضمنها كونها مؤسسة تجارية.

وقد سارعت المصرف المركزي في الإمارات الى التصريح بانه يقف بقوة وراء المصارف المحلية، بعد أن دعمها بتسهيلات مالية تسمح لها بالاقتراض وشراء الدولار، وأشارت «موديز» إلى أن إعادة الهيكلة يخفض فعلياً الالتزامات المحتملة للشركة، عبر إبراز حدود الدعم الحكومي للمؤسسات الحكومية المدينة.

وأكد رئيس الموازنة العامة لحكومة دبي الفريق ضاحي خلفان أن العالم يربط بين مشكلة مديونية شركات محلية وديون حكومة دبي التي لا تتجاوز 10 بلايين دولار.

وأكد أن أزمة دبي، ليست مالية بقدر ما هي أزمة تنافس «غير شريفة»، أدت إلى مهاجمة دبي، من بينها وسائل إعلام غربية وعربية تنساق وراء الغربية من دون تقصي الحقائق والمعلومات.

ويبدو أن هذه التصريحات انعكست إيجاباً على أسعار الفائدة المعروضة بين مصارف الإمارات.

وتوقع محللون ماليون أن تتحسن بورصات دول الخليج خلال هذا الاسبوع، في ضوء تطمينات القيادة السياسية والمالية الإماراتية، من سلامة اقتصاد الإمارات، واستيعابها بأن تفاعل الأسواق المحلية والعالمية مع إعادة جدولة ديون مؤسسة دبي العالمية، كان «مبالغاً فيه»، وان تأجيل تسديد ديونها لا يعني أنها لن تكون غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها.

من جهة أخرى فقد تراجعت تكلفة التأمين على الديون السيادية لإمارة دبي بدرجة أكبر اليوم الأربعاء وسط حالة من الارتياح لكون الإمارة ستعيد هيكلة مديونية أصغر من المتوقع وانخفضت مبادلات الالتزام مقابل ضمان 120 نقطة أساس منذ مطلع الأسبوع.

وكانت مبادلات دبي لأجل خمس سنوات بلغت الذروة عندما سجلت 680 نقطة أساس يوم الجمعة الماضي.

كما انخفضت تكلفة التأمين على ديون موانئ دبي العالمية لمدة خمس سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 514 نقطة أساس وهو أيضا أقل بكثير من مستوى 643 نقطة أساس المسجل في نهاية معاملات الاثنين.

وارتفعت تكلفة التأمين صكوك شركة نخيل البالغة قيمتها 3.5 مليار دولار والتي تستحق السداد هذا الشهر نقطتين لكنها لم تتجاوز 55 نقطة في معاملات اليوم. واصدار صكوك نخيل ضمن الديون المقرر إعادة هيكلتها.

وأعلن البنك المركزي الإماراتي، في بيان على موقعه الإلكتروني، «انخفاض الفائدة فترة ثلاثة أشهر إلى 1.90500 في المئة في قطع أمس، من 1.94125 في المئة في قطع أول من أمس». وتقلّ الفائدة على فترة ثلاثة شهور حالياً، عما كانت عليه في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لدى إعلان المجموعة خططها لتأجيل تسديد التزامات الديون المستحقة عليها حتى أيار (مايو) عام 2010، ما سبب هزة في الأسواق العالمية. وبلغت الفائدة قبل الإعلان 1.91875 في المئة.