حرب الملصقات: "مصر كبيرة عليك"

تدور في الأيام الأخيرة بمصر "حرب ملصقات دعائية" أبطالها المعارض المصري المعروف أيمن نور من جهة وجمال حسني مبارك وذلك استعداداً للانتخابات الرئاسية التي ستشهدها العام المقبل.

فجمال نجل الرئيس المصري حسني مبارك، ورئيس أمانة السياسات بالحزب الوطني الحاكم، كان خلال الأسبوعين الأخيرين محور أحاديث المعارضين المصريين بشكل أكبر حتى من المعتاد. والسبب هو تلك الحملة التي ظهرت فجأة تحت عنوان "الحملة الشعبية لدعم جمال مبارك".

ويتولى الرئيس حسني مبارك (83عاماً) منصبه منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً.

ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، اتضح أن من يقف وراء الحملة شخص لم يسمع به أحد على المسرح السياسي من قبل يسمى مجدي الكردي. وأعلن أنه كان ناشطاً بحزب التجمع المعارض، ثم رأى أن "جمال مبارك هو الأمل الوحيد" للالتفاف حول "مرشح توافقي يمثل الإجماع الوطني"، حسب تعبيره.

وكخطوة أولى قام الكردي بطباعة مجموعة من الملصقات التي تحمل اسم مبارك الابن – بالإضافة إلي اسم الحملة، وبالطبع اسم الكردي نفسه باعتباره "المنسق العام" – وقام بتعليقها في بعض الشوارع في العاصمة المصرية القاهرة.

ولكن الحزب الوطني نفى أن تكون له أي صلة بحملة الكردي، لكن ذلك بالطبع لم يلق من المعارضة أذنا صاغية. على الفور هتف قادتها: إنه مشروع التوريث يطل علينا من جديد.

"مصر كبيرة عليك"

فقرر المعارض أيمن نور ومجموعة الشباب الملتفة حوله أن يردوا على حملة الكردي بمثلها. وقاموا بطباعة ملصقات تحمل صورة جمال مبارك. لكن فوق وجهه وضعوا خطاً أحمر، وبدلاً من شعار التأييد الذي استخدمه الكردي وضعوا شعار حملتهم "مصر كبيرة عليك".

وذكرت بي.بي.سي، أنه إلى هنا والموضوع لا يخرج عن إطار الممارسات المعتادة للنشطاء السياسيين في مصر. لكن الخطوة التالية وهي تعليق الملصقات المناهضة لجمال في الشوارع، كانت تنطوي على مخاطرات كبيرة.

كان الناشطون يعلمون ذلك، لهذا رفضوا الإفصاح عن وجهتهم خشية أن يتسرب الخبر إلى أجهزة الأمن، فتجهض حملتهم قبل أن تبدأ. ففضلوا أن يلتقوا بمراسل البي.بي.سي، وبمجموعة أخرى من الإعلاميين في أمان بيت نور، على أن نتحرك جميعا معا في نفس الوقت إلي حيث سيقومون بتعليق الملصقات.

بدت السرية التي يحيطون بها تحركهم مبالغ فيها بعض الشيء، فهدفهم مجرد توزيع ملصقات وليس القيام بانقلاب عسكري. ومع ذلك كان من الصعب على المرء أن يلومهم، فخلال الأيام الأخيرة ألقي القبض على عدد من النشطاء المصريين لقيامهم بأعمال أقل خطورة.

وقال مراسل بي.بي.سي، على كل حال تحركنا جميعاً، نشطاء وإعلاميين - وبالمناسبة كان الإعلاميون أكثر بكثير من النشطاء - إلى مكان قريب من بيت نور. وهناك بدأ الجميع يعمل بسرعة، النشطاء يطلون الجدران بسائل أبيض لاصق، ثم يسرعون بتثبيت الملصقات عليها، والإعلاميون عكفوا على عدساتهم وميكروفوناتهم يسجلون ما يحدث.

وأضاف المراسل قوله، في خلال عشر دقائق أو ما يزيد قليلاً كان الأمر قد انتهى. استقل النشطاء سيارة أجرة للذهاب إلي مكان جديد هرباً من أفراد الأمن الذين كان من المؤكد وصولهم قريباً، ونحن الاعلاميون أيضاً تفرقنا سريعاً مدركين أن أجهزة الأمن لو أدركتنا، فستصادر على الأرجح ما سجلناه، وربما نتعرض لما هو أسوأ.

وختم التقرير قائلاً، إن التوتر الذي خيم على الموقف كله أظهر مدى الاختلاف بين حملة معارضي جمال مبارك وحملة مؤيديه. فعلى الطرف الآخر كان الكردي يقوم بتعليق ملصقاته بهدوء شديد. وعندما جاء أحد أفراد الشرطة ليسأل عما يحدث بعد أن لفت انتباهه وجود كاميرا بي بي سي، أجابه الكردي أنها حملة لتأييد نجل الرئيس، فأنصرف الشرطي دون حتى أن يسأل السؤال المعتاد عما إذا كان معنا تصريح بالتصوير.

وفي السياق ذاته، ووفقاً لصحيفة "المصري اليوم"، بدأ "الائتلاف الشعبي لدعم جمال مبارك" في دمياط الرد على حملة "مصر كبيرة عليك" المناهضة لترشيح جمال بحملة مكثفة تستهدف إغراق ميادين المحافظة بصور كبيرة لجمال، مصحوبة بالإعلان عن دعمه في مواجهة من سموهم "الدخلاء"، ولصق عدد من أعضاء الائتلاف صور جمال فوق صور الراغبين في الترشيح في انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.