الطيران الاقتصادي هل بدأت المنافسة؟

مع بداية صناعة الطيران، لم يعتقد أحد أن القطاع سيستدعي يوما ظهور شركات طيران من نوع آخر مختلفة في معاييرها عن الطيران التجاري التقليدي المتعامل به والذي كان من بين القطاعات المؤثرة في الاقتصادات الوطنية العالمية، سواء بحجم استثماراته، أو حجم فرص العمل التي يوفرها، أو على مستوى تيسير عملية النقل بالنسبة للعميل أو الزبون.

لكنه سرعان ما لبث أن واجه عقبات تمثلت بالدرجة الأولى في ازدحام المطارات وعدم القدرة على تسيير رحلات منتظمة إلى وجهات معينة، ليظهر الطيران الخاص الموجه لرجال الأعمال، والطيران الاقتصادي منخفض التكلفة والموجه للرحلات القصيرة التي لا تتعد مدتها الزمنية 2 إلى ثلاث ساعات ويعتمد على المطارات الفرعية وليس الرئيسية.

مع توالي الأزمات العالمية خاصة أحداث 11 سبتمبر 2001 شهد قطاع النقل الجوي أزمة أدخلت العديد من شركات الطيران التجاري التقليدي في مآزق مالية، وهو ما ساعد في السنوات الأخيرة على ظهور شركات الطيران الاقتصادي كانت الغاية منها خفض التكلفة الإجمالية لشركات الطيران يوازيها خفض في سعر التذكرة وخدمات محدودة.

يقول المهندس سالم بن سلطان القاسمي نائب رئيس شركة طيران رأس الخيمة :» شهد قطاع الطيران في المنطقة نمواً كبيراً، وذلك بسبب النهضة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها دول الخليج مما جعلها تحقق طفرة في هذا القطاع على غرار قطاعات أخرى مثل العقار و السياحة والقطاع المالي وتجارة التجزئة إلى غير ذلك. وشركات الطيران الاقتصادي هي شركات نقل جوي استراتيجي بعيدة نوعا ما عن الخدمات والتميز ومختلفة في أهدافها ومعاييرها عن شركات الطيران بالمفهوم التقليدي.

وهذا يبدو جليا إذا ما تمعنا في أسعارها المنخفضة مقارنة بأسعار شركات الطيران التجاري، وأيضا في كونها بسيطة وذات شبكة رحلات محددة وليست طويلة، إضافة إلى أنها لا تقوم برحلات ترانزيت نهائيا ولا تقدم خدمات إضافية ودرجات مقاعد للأولى ولا رجال الأعمال».

من جانبه قال إبراهيم مطلق حمد الغفيلي كبير الملاحين في شركة طيران خاصة بالمملكة العربية السعودية: "تمتلك شركات الطيران الاقتصادي فرص نمو ممتازة، وهي ولا تزال في أولى مراحل تطورها حيث تعمل بنسبة اختراق السوق ضعيفة جدا مقارنة بسوق الطيران المحلي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي تبلغ نسبته حوالي 30 في المائة و6 في المائة في آسيا.

عموما، يشهد قطاع الطيران مستويات غير مسبوقة من النمو في المنطقة مدفوعا بتزايد قوة الاقتصاديات الإقليمية، وانتعاش سوق السياحة، وتوسعات المطارات، وزيادة السعات الاستيعابية وأيضا فتح خطوط جديدة».

ومن منظور آخر عقب فتحي عطية مدير عام إقليمي لشركة مصر للطيران في الكويت :» الطيران الاقتصادي أو الطيران المنخفض التكلفة في المنطقة يستطيع أن ينشط إذا ما التزم بالقاعدة التي أُنشى عليها. وهذه القاعدة طبقت في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا ثم انتشرت في أنحاء العالم.

وفي منطقة الخليج كان الغرض الرئيسي من وراء إطلاق شركات الطيران الاقتصادي هو التنقل البيني بين دول مجلس التعاون. في نظري، إذا ما التزم هذا الطيران بالقواعد المتعامل بها سوف يستطيع أن ينشط ويؤدي دورا فعال داخل سوق الطيران عامة.

لكن ما نراه اليوم وبصراحة أن هناك بعض الشركات في المنطقة دون ذكر أسمائها لم تلتزم بالقاعدة الرئيسية التي وُجد من أجلها الطيران المنخفض التكلفة، والذي يتمثل في حصر ساعات الرحلات المخصصة له في مدة زمنية لا تزيد عن معدل ساعتين، من جهة أخرى، رحلات الطيران الاقتصادي يجب أن تنطلق وتهبط من وفي مطارات محورية وليس المطارات الرئيسية بغرض خفض الضغط على هذه المطارات».

وتابع عطية بالقول :»لا يجب أن ننسى أن الهدف وراء إطلاق الطيران الاقتصادي في المنطقة خاصة، هو نقل فئة من الركاب الذين ينطلقون إلى وجهات محددة عن طريق وسائل النقل الأرضية مثل من دبي إلى الكويت، أو الكويت وقطر، أو البحرين والسعودية، وما إلى ذلك من خطوط داخلية.

وبالتالي الخروج عن هذا الإطار ليس بالأمر الصحي على قطاع الطيران بصفة عامة. ولا ننسى أن لكل فئة من الطيران مغزى معين. إذا لا يمكن الخلط بين الطيران التجاري التقليدي والطيران الخاص فلكل أهدافه التي وضع من أجلها، ونفس الشيء بالنسبة للطيران التجاري والطيران الاقتصادي».