هيئة الأمر بالمعروف ترفض الاختلاط في ظل الانفتاح الاقتصادي

تشهد المملكة العربية السعودية العديد من المتغيرات الاجتماعية بعد دخولها مرحلة العولمة الاقتصادية من أوسع أبوابها على إثر انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية.

وسيلعب القطاع الخاص السعودي والشركات الأجنبية في هذه المرحلة دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية للمملكة. ولهذا بدأت جميع مؤسسات الدولة والمجتمع في التحول الإداري والتنظيمي لمواكبة هذا التغيير الذي سيعتمد بصورة كبيرة على القطاع الخاص والشركات الأجنبية.

ومن أهم التغيرات الاجتماعية هي مشاركة المرأة بصورة أكبر في القطاع الخاص، ودخول العديد من الثقافات الأجنبية من خلال دخول رؤوس الأموال الأجنبية والأجانب العاملين في هذه الشركات.

ولم تكن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استثناءً، إذ أعلنت الهيئة يوم أمس الأحد عن نيتها في مواكبة الانفتاح الاقتصادي التي تقبل عليه المملكة في المؤتمر الأول الذي تعقده الهيئة مع رجال الأعمال في مدينة جدة التي يعدها الكثيرون أكثر المدن السعودية انفتاحا.

ولم يكن رد وكيل الرئيس العام للهيئة الشيخ إبراهيم الهويمل رداً واضحاً على استفسار أريبين بزنس حول الدور الذي ستلعبه الهيئة لمواجهة الانفتاح الاقتصادي.

وقال الهويمل في تصريحه أن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستتواكب مع التغيرات التي تطرأ على المجتمع ولكن الهويمل لم يبين كيفية مواكبة هذه التغيرات خاصة أن الهيئة لازالت متمسكة بالثوابت الدينية التي من أهمها منع الرجال والنساء من الاختلاط في العمل بصورة تؤدي إلى مفسدة أخلاقية بينهم ومنع الرجال من الاختلاء بالنساء في المنشئات التجارية.

وأكد الهويمل موقف الهيئة من الاختلاط بالنساء من خلال دعوة الرجال فقط إلى هذا اللقاء المفتوح والذي جمع الإعلاميين ورجال الأعمال بالهيئة في مقر الغرفة التجارية والصناعية بمدينة جدة.

وكان موقف وكيل الرئيس العام للهيئة واضحاً فيما يختص باختلاط النساء بالرجال في العمل والذي أستند فيه إلى تشريعات الدولة وإلى فتاوى هيئة كبار العلماء السعودية.

ومازال الجدل قائماً حول تعريف مفهوم الاختلاط وتركزت مطالبة العديد من رجال الأعمال في جدة بإيجاد تعريف واضح لمفهوم الاختلاط ومفهوم الخلوة غير الشرعية ولكن الهويمل رد عليهم قائلاً: "أن الهيئة جهاز دعوي وتنفيذي وليست جهة تشريعية تستطيع أن تضع تعريفات للمفاهيم ونحن لازلنا نتبع الفتاوى الصادرة من هيئة كبار العلماء بهذا الخصوص."

وواجهت الهيئة قبل أشهر لعديد من الضغوط الإعلامية بسبب احتجازها لسيدة أعمال سعودية من مدينة جدة كانت تتناول القهوة مع زميل عمل لها في أحد مقاهي "ستاربكس" في العاصمة السعودية الرياض بتهمة الخلوة مع رجل غير محرم لها.

وكانت قضية سيدة الأعمال الجداوية "يارا" هي القضية التي أثارت قلق العديد من أصحاب الشركات في جدة بصورة خاصة وفي باقي المملكة بصورة عامة بخصوص وضع النساء العاملات لديهن. كما أثارت القضية قلق العديد من الشركات الأجنبية التي تريد الدخول للاستثمار وإدارة عملياتها في المملكة.

وتستند الهيئة في قضايا الخلوة غير الشرعية وقضايا الاختلاط في العمل إلى قوانين مجلس الوزراء السعودي وقوانين العمل السعودية والتي تنص على أن يكن عمل المرأة مطابقاً لضوابط معينة من أهمها: وجود ضرورة لعمل المرأة (حاجة المجتمع أو حاجتها هي)، وموافقة ولي أمرها، وأن يكون العمل ملائماً لطبيعة المرأة وأن لا يشغل عليها كل وقتها فيعوقها عن أداء واجباتها المنزلية والزوجية، وأن لا يؤدي هذا العمل إلى ضرر اجتماعي أو أخلاقي.

ويشترط قانون العمل السعودي أن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماماً عن الرجال، وأن تؤدي عملها في وقار وحشمة وأن تلتزم في طريقة لبسها بالحجاب الشرعي.

وتحظر السعودية عمل المرأة في الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو المؤسسات العامة أو الخاصة أو المهن لأنه محرم شرعاً ويتنافى مع عادات وتقاليد المملكة.

وامتدت المناقشات في اللقاء الذي جمع الهيئة برجال الأعمال في غرفة مدينة جدة التجارية والصناعية يوم أمس الأحد، لتتطرق إلى العديد من المواضيع.

وكان من أهم المواضيع التي نوقشت هو خوف رجال الأعمال من الضرر المادي الذي قد ينتج من مداهمات رجال الهيئة للأسواق التجارية التي يمتلكونها وللشاليهات السياحية التي يرتادها العديد من الأسر السعودية ولا يتقيد العديد منهم فيها بالعادات والتقاليد المتبعة خارج أسوارها ومن ضمنها الحجاب الشرعي للنساء.

وأوضح رجل الأعمال السعودي أنس الصيرفي والذي تمتلك أسرته أحد أكبر أسواق مدينة جدة، أن المراكز التجارية في المدينة تحول دورها من مراكز تجارية بحتة إلى مراكز اجتماعية بسبب غياب دور المراكز الاجتماعي إذ أصبح هناك العديد من الندوات الثقافية والاجتماعية التي تقام في مجمعات وأسواق المدينة ومن ضمنها مركزه.

واعترف الهويمل بالقصور في نواحي عديدة ولكنه طمأن الجميع أن الهيئة حالياً لديها العديد من البرامج التدريبية لرجالها في كيفية التعامل مع المجتمع ومع الإعلام. وأكد الهويمل على نقطة واحدة طيلة حديثه وهي أن هذا هو الاجتماع الأول وهذه هي المرة الأولى التي تلتقي فيها الهيئة برجال الأعمال ولهذا يجب أن لا يتوقع الجميع وجود ردود جاهزة لمخاوفهم واستفساراتهم ولكن الهيئة تحاول جاهدة أن تكون قريبة من رجال ومجتمع الأعمال.