بين الطموح والحذر

في غمرة الحديث عن الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالرغم مما تحمله العاصفة الآتية من الغرب من أنباء لا تنذر بالخير الوفير، فإنه ما يزال في الحديث فسحة لأخبار الازدهار وفي الرؤيا أمل كبير في المستقبل.

بينما ينكب العالم في أغلب أرجائه على لملمة الخسائر، ينشغل الشرق الأوسط متابعاً ما كان قد بدءه من التخطيط للحفاظ على ديمومة النمو، متطلعٌ إلى المستقبل بنظرةٍ أكثر ثقةً وأقل تخوفٍ مقارنةً مع العالم.

ولكن لا يعني هذا غياب أثر الأزمة بشكل كلي عن المنطقة. ففي الوقت نفسه حيث يدور الحديث النمو وتُرى مؤشراته جليةً، لا تخفى على أحد مؤشرات آثار الأزمة. فبداية كان أول نذائر الأزمة انسحاب نسبة مرتفعة من المستثمرين من أسواق المنطقة. تلاها تراجع وصل إلى 23 % في عائدات الاكتتاب في أسواق المال في المنطقة وذلك في الربع الثالث من العام الحالي 2008، بالإضافة إلى غير ذلك من تروٍ يتبعه المستثمرون ومن تصريحات تسرب في طياته نظرة القلق تقول بأن الوقت الآن هو لترتيب البيت الداخلي وللتركيز على الإنجاز وتعزيز التواجد عوضاً عن الانشغال في التوسع.

في هذا كله يظهر قطاع الطيران قوياً وصامد. فالمؤشرات على تزايد نفوذ الخليج في صناعة الطيران واضحة على الأرض، كما هي في الأجواء. فبالإضافة إلى ازدياد الطلب المحلي على الرحلات الجوية، تتنافس كل من الإمارات وقطر على السيطرة على الرحلات الجوية المربحة بين أسيا وأوروبا وتوسعان من مطاراتهما للتعامل مع ارتفاع عدد المسافرين.

وعن قطاع الطيران واستعداداته للأزمة يحدثنا مايك بري مدير شركة إكزكوجِت الشرق الأوسط في لقائنا الخاص معه في دبي.

أعلن تقرير المطارات العالمي مؤخراً أن حركة الطيران في مطار دبي الدولي تمثل المرتبة الأولى ضمن قائمة أسرع مطارات العالم نمواً، حيث بلغ عدد المسافرين عبر مطار دبي الدولي 34 مليوناً و300 ألف مسافر خلال العام الماضي بزيادة قياسية قدرها 31.19 % عن عام 2006. ومن المتوقع أن  يبلع عددهم  40 مليون مسافر مع نهاية 2008.

كما بلغ عدد شركات الطيران العاملة عبر مطار دبي نهاية العام الماضي 120 ناقلة مقابل 113 عام 2006، فضلاً عن ارتفاع عدد وجهات السفر إلى 205 العام الماضي مقابل 198 العام 2006، وبلغ عدد متوسط الرحلات عبر مطار دبي الدولي يوميا 725 رحلة ومتوسط عدد المسافرين 95 ألف مسافر.

وبمقارنتها مع أسواق العالم أظهرت أسواق الشرق الأوسط تميزاً في سرعة نمو قطاع الطيران فيها. حيث شهدت المنطقة تطوراً لا يصدق خلال الأشهر الثمانية عشرة الأخيرة، والتي يمكن تحديدها بوضوح بازدياد مبيعات الطيران مع ازدياد عدد المشغلين الجدد ومزودي الخدمة في المنطقة. وبغض النظر عن الأزمة الاقتصادية الأخيرة، فإن السوق العالمي ينمو بشكل ثابت لا يختلف مع التنبؤات الإقليمية.

ومن المتوقع أن يزيد النمو 15 % عن المعدل العالمي.  وتنتج منطقة الشرق الأوسط أكبر الأرقام الدالة على النمو عالمياً، فقد توسع العمل بالطيران بسرعة فيها وعليه كبر حجم الطلب إلى حد كبير. يعلق بري على ذلك قائلاً: «تتم قيادة السوق تقليدياً بأسعار مستدامة للنفط، والنتائج المتينة للتعاون التي تراكم سيولة عالية في المنطقة. وعلى الرغم من أن سوق الملاحة الجوية ما زال غير ناضج نسبياً، فإن تنبؤات مختلف الخبراء تفترض أن معدلات النمو ستتضاعف خلال السنوات القادمة. ولكن بالرغم من هذا النمو المتوقع فلن يغيب أثر الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية على سوق الملاحة الجوية في المنطقة».

تأهب

في ظل هذه الأزمة التي تباينت الآراء في مدى تأثيرها على أسواق العالم المختلفة، اختلفت وتباينت ردود فعل واستعدادات الشركات والمؤسسات فيها لاستقبالها، منها ما تبنى سياسة النجاة، ومنها من توقف عن التوسع مركزاً على تمتين دعائمه وترتيب بنيته الداخلية. بالنسبة لإكزكوجت يقول بري: «تبنينا خطوات عديدة في إكزكوجت في عملياتنا اليومية لتقليص أثر التقلبات الاقتصادية على خطنا الأساسي أو على طائرات زبائننا التي هي تحت الإدارة أو على أعمال الصيانة إلى أقصى حد.

لقد تبنت إكزكوجت سياسة صارمة فيما يتعلق بالميزانية، ومقاييس مبنية على تقارير مما يساعد في تخفيف أثر التقلبات وعلى القيام بخطوات استباقية لحماية خطنا الأساسي. بالإضافة إلى ذلك فإننا قادرون على المراقبة وعلى توجيه نشاطنا من خلال المزودين الذين يقدمون لنا حلول ذات تكاليف منافسة، مثال ذلك هو في مراقبة أسعار الوقود. كما أن كوننا مزودي خدمة عالمية فإننا في موضع نتمكن فيه من موازنة المخاطرة ومن الوصول إلى رؤية أوضح حول المكانة المناسبة لصناعة الطيران في العالم.