الصناديق السيادية صانع المسـتقبل

أما الصناديق السيادية في الصين فتُعتبر مهمّة لما تعكس هذه الصناديق من سعي الصين وراء التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والطريقة التي تتعامل فيها مع أهدافها الاستثمارية.

ومن دراسة لتطور الصناديق السيادية العالمية، وخصائصها، وأدائها، وأفضل ممارساتها، نستطيع استخلاص العبر الآتية:

1 - الصناديق السيادية أداة مهمة للادخار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي خاصة في البلاد النامية.

2 - تُعتبر الاستثمارات الطويلة المدى عنصراً أساسياً لنجاح الإستراتيجيات الاستثمارية للصناديق السيادية.

3 - تسعى الصناديق السيادية الناجحة إلى تحقيق عائدات مالية واجتماعية.

4 - تقوم الصناديق السيادية بدور مهم في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية لبلدانها من خلال الاستثمار المحلي بهدف إطلاق عجلة نمو القطاعات الإستراتيجية.

5 - تركّز الصناديق السيادية استثماراتها الأجنبية على قطاعات تعزّز إستراتيجيات النمو الاقتصادي المحلي من خلال نقل المعرفة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

6 - من شأن الاستثمارات الإقليمية والدولية أن تزيد من التعاون الإقليمي والدولي.

7 - يمكن للصناديق السيادية أن تكون شفافة، وتحقٌّ في الوقت عينه عائدات جيّدة على الاستثمارات، كما هي الحال في النرويج.

8 - من الممكن جمع الشركات الحكومية التي تغطي قطاعات اقتصادية مختلفة تحت مظلة شركة قابضة تعمل بأسس تجارية، وذلك لتحقيق وفورات اقتصادية . وقد نجح Temasek Holdings في هذه المهمة مما أدى إلى زيادة الإنتاجية الاقتصادية لسنغافورة.

9 - يستحسن تطبيق أفضل الممارسات في الهيكل التنظيمي، والحوكمة، والسلوك الاستثماري بشكل تدريجي.

دور اجتماعي

تقوم الصناديق السيادية في مجلس التعاون الخليجي بأدوار إيجابية في المنطقة، بما في ذلك المساعدة في توفير الاستقرار الاقتصادي، والاستثمار الطويل المدى، والسعي وراء تحقيق العائدات المالية المرتفعة. ولكن هناك خطوات إضافية يمكن لهذه الصناديق اتخاذها بهدف تعزيز دورها. ويوضح سمان: «ينطوي ذلك على المساعدة في نقل المعرفة من خلال الاستثمارات، وتعزيز النشاطات الاقتصادية من خلال إدارة الشركات الحكومية ودعم المشاريع الإستراتيجية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، والقيام بإصلاحات هيكلية للوصول إلى أفضل الممارسات المتبعة عالميا».

1 - نقل المعرفة من خلال الاستثمارات

يمكن للصناديق السيادية في مجلس التعاون الخليجي أن تدعم إستراتيجيات النمو الاقتصادي المحلي من خلال استثماراتها الدولية والمحلية. فالاستثمارات الدولية مثلاً توفرّ سبلاً للتعاون مع إدارات الشركات المستثمر فيها والتعرف على نماذج عمل مختلفة، بالإضافة إلى إجراءات واستراتيجيات من شانها أن تضيف إلى الخبرات المحلية. كما تساعد الاستثمارات في الشركات المتعددة الجنسيات على كسب التكنولوجيات المهمة والمعرفة من خلال توفير الحوافز لهذه الشركات والضغط عليها من أجل زيادة القيمة محلياً ونقل المعرفة والخبرة. ومحليا يمكن للصناديق السيادية في مجلس التعاون الخليجي أن تبادر باستثمارات تستهدف القطاعات التي تكمّل استثماراتها العالمية بهدف إطلاق عجلة النمو الاقتصادي.

ومن المهم الإشارة إلى أن نقل المعرفة من خلال الاستثمارات يجب أن يكون مصحوبا بمقومات أساسية مثل رأس المال البشري المؤهل، والبنية التحتية، والمؤسسات الفعالة، وذلك بهدف تسهيل استيعاب المعرفة المنقولة وتطويرها.

2 - تعزيز الشركات الحكومية

تمثل الشركات الحكومية جزءا كبيرا من النشاطات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي مما قد يمثل فرصة لإدارة مجموعات من الشركات المملوكة من الدولة تحت مظلة شركة قابضة تعمل بأسس تجارية . ويقول شدياق :»سيمكّن ذلك الحكومات من خلق تحالفات أعمال مهمة، بالإضافة إلى وفورات الحجم والنطاق «.

3 - التخفيف من حدّة الأزمات الاقتصادية

على الصناديق السيادية في مجلس التعاون الخليجي أن تستخدم ثروتها في المراحل التي تتميز بحركة اقتصادية ضعيفة بهدف إطلاق عجلة النمو الاقتصادي والحفاظ على تمويل الاستثمارات الإستراتيجية. فصندوق النرويج السيادي، على سبيل المثال، راح يدعم مشاريع البنية التحتية غداة الأزمة الاقتصادية العالمية بهدف الحفاظ على النمو الاقتصادي للبلاد.

4 - تعزيز التعاون الإقليمي والدولي

على الصناديق السيادية في مجلس التعاون الخليجي النظر في تأسيس صناديق مشتركة على المستويين الإقليمي والدولي. ويوضح شدياق «على الصعيد الإقليمي، تتضمّن فوائد الصناديق المشتركة تشارُك المخاطر، وزيادة الفرص الاستثمارية». وعلى الصعيد الدولي، يمكن للصناديق المشتركة أن تسهّل دخول الأسواق وتعزّز آليات نقل المعرفة. وخير مثال على ذلك صندوق الصين ودبي المشترك China Dubai Capital الذي أُعلن عنه في أبريل 2008. وينوي هذا الصندوق الاستثمار في البنية التحتية، وقطاع النفط، والرعاية الصحية، وغيرها من النشاطات التي من شأنها أن تخلق تحالفات مع اقتصاد الإمارات العربية المتحدة، مع تأمين الفرص الاستثمارية الناجحة للصين في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، تعزّز الاستثمارات التي تخدم مجتمعات البلدان المضيفة، من دون التأثير على الربحية، التعاون الدولي، وتنعكس إيجاباً على الدور الاقتصادي والاجتماعي للصناديق السيادية .

5 - تنفيذ الإصلاح وكسب الثقة

لا شك أن التغييرات التدريجية بهدف تحسين الحوكمة والشفافية في الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون مهمة لمواجهة الإجراءات التنظيمية على الصعيد الدولي. ويعلّق سمان في هذا الصدد: «يمكن تخفيف القلق بشأن تأثير الشفافية على الأداء المالي للصناديق السيادية عبر نشر تقارير متأخرة بهدف تفادي أي نشر للمعلومات الاستثمارية الدقيقة». وإلى جانب الثقة هنالك فوائد أخرى لهذه الإصلاحات، منها على سبيل المثال أنها تحفز إدارة الصناديق السيادية على تبني أفضل الممارسات العالمية، كما أنها تساعد في تبني المسؤولية تجاه النتائج المالية لهذه الصناديق.

أخيرا، وعلى الرغم من أن الصناديق السيادية قد تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أن نشاطاتها الاستثمارية ستمضي قدما وخاصة مع تقدم الاقتصاد العالمي. وبذلك، ستبقى الصناديق السيادية بشكل عام، وتلك الخاصة بمجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، قوة مالية نامية. والأهم من ذلك كلّه هو أن دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية سيبقى مهماً على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي قد تواجه العالم من حين لآخر.