المسيحيون العرب في هولندا يفتقدون نكهة عيد الميلاد

خصص القسم العربي بإذاعة هولندا العالمية برنامج جسور لهذا الأسبوع لمناقشة أعياد الميلاد في هولندا والبلاد العربية وذلك بالتعاون مع إذاعة معا في بيت لحم بالأراضي الفلسطينية.

وقالت إذاعة هولندا "استضفنا في البرنامج الزميلة عبير صراص، التي ولدت ونشأت في بيت جالا، وفي استوديوهات إذاعة معا استضفنا طارق رشماوي، مدير مكتب المجلس التشريعي ببيت لحم، والمسئول عن السياحة بالمدينة، وعلى الهاتف كان معنا العديد من الضيوف من مختلف الطوائف المسيحية العربية، بالإضافة إلى السيدة ياني سخيبر الملحق التجاري والثقافي والإعلامي بالسفارة الهولندية بالكويت، والتي تتحدث العربية بطلاقة".

وقال طارق رشماوي إن محافظة بيت لحم استكملت استعداداتها لاستضافة السياح من مختلف أنحاء العالم، والذي يتوقع أن يصل عددهم هذا العام إلى 90 ألف سائح، كما توقع السيد رشماوي أن يزور المحافظة يوم 24 ديسمبر/كانون الأول ويوم عيد الميلاد حوالي عشرة آلاف سائح، وسيبيت نصفهم في فنادق بيت لحم، وكانت المدينة قد استكملت إنارة أشجار عيد الميلاد، في انتظار وفود السياح الذين تعتمدوا عليهم اقتصاديا.

موكب البطريرك

كما تحدث "رشماوي" عن أعمال الصيانة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية لترميم وصيانة كنيسة المهد، حيث ولد السيد المسيح، وكان الرئيس محمود عباس قد قام بزيارة الموقع قبل شهرين للاطمئنان على سير العمل، وهي الكنيسة التي يزورها كل هذا العدد من السياح. كما تحدث "رشماوي" عن الاحتفالات التي تبدأ ظهيرة يوم 24 ديسمبر/كانون الأول في بيت لحم، حيث يستقبل محافظ بيت لحم، ورئيس بلدية بيت لحم، وقائد الشرطة بالمحافظة باستقبال غبطة البطريرك فؤاد طوال في ساحة الكنيسة، كما سيقوم الرئيس عباس بالمشاركة في قداس منتصف الليل، بالإضافة إلى مجموعة من الشخصيات الفلسطينية الرسمية.

وقال "رشماوي" إن الاحتفالات بعيد الميلاد تشمل الجميع مسيحيين ومسلمين، ويرتدي في هذا اليوم جميع الناس ملابس جديدة، ويرتادون الساحات العامة من أجل مشاهدة الفرق الكشفية وهي تعزف الموسيقى. كما أشار "رشماوي" إلى أن تضييق الخناق على الفلسطينيين من طرف إسرائيل، يقلل عدد السياح القادمين إلى بيت لحم، خاصة وأنهم يأتون من خلال المعابر الإسرائيلية، وهو ما يؤثر سلبا على قطاع السياحة.

عيد الأطفال

الزميلة عبير صراص تفتقد احتفالات عيد الميلاد في بيت جالا منذ خمسة عشر عاماً، وتفتقد بالخصوص المظاهر الدينية التي لم تعد تراها في هولندا، وخاصة رحلة البطريرك من مقره في القدس إلى بيت لحم، ومروره بمعظم المدن والبلدات، حيث تخرج الفرق الكشفية والموسيقية لجميع الكنائس والمدارس لاستقباله، وتستخدم هذه الفرق آلة القربة لعزف الموسيقى الدينية والوطنية.

وتصف عبير أيام طفولتها هناك، عندما يصطف الأطفال في ساحة كنيسة المهد، التي يتوسطها شجرة عيد ميلاد كبيرة بكامل زينتها، عادة تتبرع بها إحدى الدول الأوروبية، كما يذهب الجميع إلى الكنائس في منتصف ليلة العيد أي ليلة 24 ديسمبر/كانون الأول، وهم يحملون الشموع والمشاعل، أما صباح اليوم التالي، فيجد الأطفال أمامهم الكثير من حلوى المعمول، وتعد في هذا اليوم أكلات مميزة تختلف من بيت إلى آخر، كما يحصل الأطفال في هذا اليوم على ملابس جديدة وأحذية جديدة، بالإضافة إلى الهدايا التي يحضرها السانت كلوز ويوزعها عليهم، كما أن الزيارات بين العائلات والمعايدة على الجميع من طقوس هذا اليوم.

غياب العائلة والأقارب

الزميل مجير ضاحي يفتقد أيضاً أجواء أعياد الميلاد في سوريا، بسبب عدم وجود العائلة الكبيرة والأقارب والأصدقاء في هولندا، ويؤكد مجير على أن الطقوس والعادات متشابهة في كل الكنائس الشرقية، وفي كل البلدان العربية التي يتواجد بها المسيحيون.

ويشير ضاحي إلى أن السريان الأرثوذكس كانوا يحتفلون مثل الأقباط بعيد الميلاد يوم السابع من يناير/كانون الثاني، ولكنهم في الخمسينات بدأوا يحتفلون يوم 25 ديسمبر/كانون الأول تضامناً مع الكاثوليك الشرقيين، على أن يحتفل الكاثوليك مع السريان في عيد الفصح، ولكن فيما بعد رفض الكاثوليك ذلك، ويؤكد مجير ضاحي على مشاركة المسلمين في سوريا مع المسيحيين في احتفالات أعياد الميلاد، مثلما يشارك المسيحيون المسلمين في احتفالاتهم.

لا ثلوج في الكويت

أما ياني سخيبر، فتقول إن معظم الهولنديين المقيمين في الكويت يفضلون قضاء عيد الميلاد في هولندا، أما من يبقى منهم في الكويت، فيحتفل بنفس الطريقة التي يحتفلون بها في هولندا، ولكن من الصعب إيجاد أشجار عيد الميلاد هناك، بالإضافة إلى عدم وجود ثلج في الكويت، وهو ما يتفاءل به الهولنديون في عيد الميلاد، ونظراً لعدد الجاليات المسيحية الكبير في الكويت، فتنشط المطاعم والشركات المتخصصة في الاحتفال بهذا اليوم لاستضافة المحتفلين.

عيد ميلاد حزين

المسيحيون العراقيون، كما يؤكد الأب نوئيل القس توما لم يحتفلوا هذا العام بعيد الميلاد، وسيكتفون فقط بإقامة القداديس، وذلك حداداً على ضحايا التفجيرات التي شهدتها كاتدرائية سيدة النجاة في بغداد، كما أن معظمهم رحل إلى كردستان، ومنهم من غادر العراق خوفاً من هجمات أخرى هدد بها تنظيم القاعدة.

ويصف الأب نوئيل كيفية احتفال المسيحيين السريان في العراق بعيد الميلاد، حيث يشعلون ناراً كبيرة تسمى الشعلة، ولكنهم منذ الغزو الذي شهده العراق، وسقوط نظام صدام حسين لم يعودوا يستطيعون الاحتفال بنفس الطريقة السابقة.

ويقدر الأب نوئيل عدد المسيحيين العراقيين في هولندا بحوالي سبعة آلاف، كما يؤكد أنهم يحتفلون في هولندا بنفس الطريقة في العراق، بما في ذلك الشعلة، ولكنها تكون أصغر بسبب أجهزة الإنذار من الحريق الموجودة في الأجهزة، أما عن الأيام الخوالي، فيصف الأب نوئيل كيف كان يشاركهم المسلمون احتفالاتهم، ويقول إن مدينته الصغيرة محاطة بثلاثين قرية مسلمة، ولم يكن لديهم أي إشكال في إقامة شعائرهم الدينية بما في ذلك الخروج إلى الشوارع، بكل حرية وهو ما يفتقدونه الآن بشدة.