مافيات أسواق المال والنفط

مرة أخرى عندما يكون الحديث عن النفط وأسعاره الصاروخية تتجه الأنظار إلى الدول المنتجة، ويجري تجاهل دور المضاربين المسئولين إلى حد كبير عن الارتفاعات التي أوصلت برميل النفط إلى 143 دولارا.

  أحدث التقارير العالمية قالت أن الاستثمارات الكبيرة في مجال المضاربة بالنفط سيكون لها تأثير كبير في أسعار هذه السلعة. أكثر بكثير من تأثير القاعدة الذهبية القائمة على العرض والطلب.

فقد جاء في تقرير صدر مؤخرا عن "أكسفورد بيزنس جروب": أنه كلما ارتفعت أسعار النفط، بات من غير الممكن أن تلعب معادلة العرض والطلب غير المتكافئة دورا في هذه الزيادات المثيرة.

من الواضح أننا اليوم أمام حلقة محكمة من المضاربة في أسواق النفط، فقد أصبح الاستثمار في المضاربة منتج يلقى إقبالا كبيراً من قبل خبراء تمرسوا في دراسة أسواق النفط واتجاهاتها.

وإذا كانت دول أوبك قد زادت طاقتها الإنتاجية أكثر من مليون طن يوميا وهي طاقتها القصوى اليوم، مع تأكيد التزامها بتوفير احتياجات الأسواق، فلماذا يجري استهداف دور أوبك وإلقاء اللوم عليها إلا إذا كان المقصود مزيدا من الابتزاز والضغوط السياسية، كما حدث بعد دعوة وزراء المالية الثمانية إلى التحقيق في أسباب الاضطراب الحاصل في أسعار النفط بمشاركة صندوق النقد الدولي.

ويأتي إصرار المضاربين على إشعال الأسعار في ظل هجمة هؤلاء على سوق السلع الآجلة بكل أطيافها، بعد أن أصبحت أسواق الأسهم والسندات والأصول أقل جاذبية.  

 وبعد أن أصبحت ارتفاعات النفط تتجدد كل ساعة أحيانا فان المؤسسات وصناديق التحوط وصناديق الثروات المستقلة تلهث وراء تحقيق أرباح سريعة من خلال ضخ الأموال في عقود النفط الآجلة والسلع التي يسيطر عليها النفط وهذه تشكل غطاءا للمضاربين ومديري الصنادبق.

وقد أشار تقرير للجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرا إلى أن ما نسبته 40-50 % من أسعار برميل النفط ناجمة عن الاستثمار في مجال المضاربة. ويقدر المحللون أن أكثر من 200 مليار دولار يجري استثمارها في مؤشرات السلع، بعد أن كانت 13 مليار دولار قبل خمسة أعوام. هذا عدا عن المضاربات غير المرئية في الأسواق المختلفة في ظل غياب الشفافية وطغيان اللعب في الخفاء في أوساط مافيات النفط والمال.