محمد هلال: أصمم عطوري بإحساسي

في تجربة مصمم العطور الإماراتي محمد هلال قصة إبداع واكتشاف. وكيف لا يكون خبيراً وهو الذي نشأ في بيئة مترفة بالخبرة محاطاً بالعود والمسك ودهن الورد، يحملها كذاكرة متقدة تصقل موهبة إحساسه بروح المكتشف.

بدأ محمد هلال مسيرته في تصميم العطور في العام 2001 ، حينما أسس شركة «هند العود» المتخصصة في العطور الإماراتية، مؤمنا أن تصميم العطر فن بحد ذاته لا يختلف عن بقية الفنون الأخرى كالرسم والزخرفة والكتابة، باعتبار أن الفن طاقة فطرية، ونشاط إبداعي قائم بذاته. ولذلك فهو يقول:«أمارس تصميم العطر بإحساسي.. وهذا يفوق مجرد استنشاقي له حتى أن شعوري يسبق في غالب الأحيان اختياري للمواد التي سأصنع منها رائحة جديدة».

ذلك الشغف بالعطور وأسرارها، هو ما دفع هلال إلى ترك مهنته في عالم الطيران التي درسها في الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل أن يتفرغ لموهبته، وكان من الطبيعي أن يجد معارضة ممن يحيطون به، لكنه أختار ما يريد. يقول موضحاً «اخترت أن أصنع روائح خاصة تحمل اسمي» .

صقل هلال موهبته بالبحث والإصرار، وبحضور دورات تدريبية مكثفة في أنحاء عدّة من العالم. وبعد آلاف التجارب لاختيار أنواع خاصة من العطور صمّم حتى الآن 20 نوعاً منها تحمل بصمته، شكلت مجموعة علامات مسجلة في مجال العطور نذكر منها «كحل» و«ليلك» و«كريمسن».

لا جنس للعطر

على الرغم من تحضير هلال لإطلاق عطرين جديدين، هما «أنا» للرجل و «أناها» للمرأة، إلا أنه لا يؤمن بتخصيص عطر للرجل وآخر للمرأة. ولذلك كانت جميع العطور التي صممها تستخدم لكلا الجنسين، ويوضح بقوله «لا أؤمن بتحديد جنس للرائحة، لأنها اختيار صاحبها».. معتبراً أن تحديد نوع العطر هو مجرد تسويق تجاريو. معتبراً أن «مصمم العطر مهمته أن يقدم رائحة مميزة ومبتكرة، وتبقى مسألة الاختيار والقناعة لمقتني العطور أنفسهم، رجالاً كانوا أم نساء».

انعكست تلك الرؤية أثناء تصميمه لعطر «كحل» الذي يستخدم لكلا الجنسين، حيث مزج هلال مجموعة متناغمة من العود وخلاصات الورود، قائلاً «اعتاد أفراد المجتمع الخليجي في أفراحهم التعطّر بدهن العود والمسك وروائح أخرى، وهو ما يستغرق وقتاً». مؤكداً أن «كحل» يغنيهم عن كل ذلك، ويشرح «لقد اختصرت كل تلك الروائح بـ«بخّه» واحدة من عطر كحل».

أما عن «أنا» و «أناها»، فيقول «هي تجربة متفردة.. لم أقصد منها تخصيص عطر لرجل وإمرأة، إنما تقديم عطري الخاص، لذا أسميته «أنا»، أما «أناها» فصممته من رائحة اخترتها للمرأة».

قصة اكتشاف

في تجربة محمد هلال قصة مكتشف. وهو يمتلك موهبة النجاح في كل ما يفعله، وحتى في أحاديثه اليومية تجده يبحث عن شي ما، فهو ليس تقليديا بإحساسه تجاه الأشياء، ويملك رؤية مختلفة ومتميزة، ويعرف ما يريد، هذه الرؤية جعلته يترك مهنة الطيار التي درسها في الولايات المتحدة الأمريكية ليتفرغ للشغف بالعطور. وكان من الطبيعي أن يجد معارضة قوية ممن يحيطون به، فمهنة الطيار تداعب أحلام كل الشباب، وتجعل من صاحبها متميزا بين أقرانه ومحيطه. ولكنه كان يعرف أن نجاحه في مكان آخر. ولما تأكد أن مهنة الطيار سوف تعيقه عن موهبته في تصميم العطور ومتابعة دراستها وحضور دورات تدريبية، اختار العطور واختار حلمه في أن يصبح متميزا ويصنع شيئا خاصا به يحمل اسمه ويعمم تجربته وقدرته على إبداع ما يسعد الناس.

ملك الخصوصية

خلال الحديث إلى هلال، يمكنك أن تلاحظ أنه ملك الخصوصية والتفرد، لا يرضيه أي شيء ويبحث دائما عن الكمال. ومن الطبيعي أن تتعب مع شخص مثله، فالذين ينشدون الكمال يصعب إرضاؤهم، ويصعب أن تفعل ما يصل إلى طموحاتهم. ولكن التعامل مع شخص بهذه المواصفات يجعلك تعرف أن الموهبة لا ترضى وهذا شأنها دائما، فالموهبة هبة قد لا نستطيع مجاراة صاحبها ولكنها تبهرنا وتمدنا بالمثل والنموذج الذي نفتقده ولا نجده بسهولة.

وعندما اجتمعت الموهبة بالبحث والإصرار عند هلال، أعطانا مجموعة علامات مسجلة في مجال العطور نذكر منها «كحل» و«ليلك» و«كريمسن». وهو على وشك إطلاق أسماء جديدة سماها «ظل»، ويحضر أيضا لإطلاق عطر جديد سيطلق عليه اسم «أنا» للرجل و»أناها» للمرأة.

أنت من يحدد

ومع أن العطرين الجديدين خاصين بالمرأة والرجل، إلا هلال لا يؤمن بالفرق بين عطر المرأة وعطر الرجل، فهو صاحب الخبرة والتجربة ويعتقد أن الرائحة هي اختيار صاحبها، وأن مصمم العطر تنتهي مهمته بتقديم رائحة مميزة ومبتكرة. أما الاختيار والقناعة فهي لصاحب العطر، فلكل شخصية تجربتها مع الرائحة، ولا فرق هنا بين رائحة للمرأة وأخرى للرجل. أما الرائحة فهي شخصية فالعطر لمن اختاره، والمصمم مهمته خلق رائحة جميلة ومميزة فقط، وليس عليه تحديد من تناسب.