البائعون محل المشترين!

بدأت إمارة دبي تشهد انخفاضاً في معدلات إيجارات المكاتب نتيجة لأزمة السيولة المالية العالمية، خاصة مع لجوء العديد من الشركات إلى تخفيض حجم أعمالها ووقف خطط التوسع وحملات الإطلاق الجديدة.

كان لتوقف بعض البنوك المحلية مؤقتاً عن إعطاء القروض أثر إيجابي على سوق الإيجارات في إمارة دبي، إذ يقوم الآن أصحاب العقارات بتيسير أقساط الدفع على المستأجرين، مما يسمح لهم بالدفع من خلال 12 شيكاً بدلاً من شيكين أو ثلاثة في السنة.

وفي الوقت نفسه، أجبرت معايير الإقراض الصارمة المطورين على تقديم أنظمة تمويل أكثر مرونة وسهولة للمستخدم النهائي في محاولة لاجتذاب المشترين والاحتفاظ بالمستثمرين الحاليين، مما يحدث تغييراً في السوق ويحولها من سوق للبائعين إلى أخرى للمشترين.

كما أسهم نشاط التعاملات المحدودة في دبي خلال الشهرين الماضيين والتدهور في مبيعات المشاريع على الرسومات قبل التنفيذ في ما سيكون تغييراً أكيداً من قطاع عقاري تحكمه المضاربات إلى سوق للمستخدمين النهائيين وفقاً لشركة أستيكو لإدارة العقارات، والتي أظهرت في تقريرها للربع الأخير من العام 2008 أن المناطق الأكثر تأثراً تضم مشاريع المنطقة الحرة، وشارع الشيخ زايد، وبر دبي، وديرة، حيث تتركز بصورة كبيرة الشركات العالمية متعددة الجنسيات.

مرونة وانكماش

وقد انخفضت إيجارات المكاتب في منطقة «أبراج بحيرات الجميرا» بنسبة 16 في المائة مقارنة بأسعار الربع الثالث من 2008، فيما شهدت الإيجارات في كل من مدينة دبي للإعلام وديرة انخفاضاً قدره 11 و14 في المائة على التوالي.

من ناحية أخرى، جاءت مبيعات المكاتب أكثر مرونة أمام حالة الانكماش، نظراً لأن الفجوة بين العرض والطلب لشراء مساحة تجارية ما زالت واسعة بسبب تأخر تسليم عدد من المشاريع في «بزنس باي» على سبيل المثال.

وصرح أندرو تشيمبرز، المدير التنفيذي لشركة أستيكو :"إذا ما أخذنا في الاعتبار الوضع الحالي مقارنة بدول أخرى، فإن دبي ما زالت تتمتع بمقومات كبيرة لتطوير أعمال أخرى نظراً لمناخها الضريبي الإيجابي، وموقعها الجغرافي المميز، واستقرار الدعم الحكومي".

ووفقاً لتقرير أستيكو، فقد انخفضت أيضاً أسعار المبيعات السكنية، إلا أن مناطق مثل «دبي إنفستمينت بارك»، و»إنترناشيونال سيتي»، و»ديسكفري جاردنز» لم تسجل أي تغيير في الأسعار خلال الربع الأخير من العام الماضي بسبب زيادة الطلب على المساكن ذات الأسعار المناسبة.

وسجلت الأسعار في «داون تاون برج دبي» انخفاضاً من 3750 درهماً للقدم المربع في الربع الثالث إلى 2700 درهم في الربع الأخير من 2008، أي بانخفاض قدره 28 في المائة. كما انخفضت الأسعار في «دبي مارينا» بنسبة 18 في المائة من 2200 درهم في الربع الثالث إلى 1800 درهم للقدم المربع في الربع الأخير من 2008.

مستثمرون ومضاربون

وقال تشيمبرز في هذا الصدد: «لقد تم إطلاق هذه المشاريع عند مستويات أسعار عالية، وقد شهدنا في الربع الأخير تصحيحاً في بعض أسعار المبيعات الثانوية نظراً لأن المستثمرين والمضاربين معنيون بإعادة البيع بسعر أقل اعتماداً على احتياجاتهم من السيولة المالية. وفي نهاية الأمر، فإن المشاريع التي تتمتع بالتخطيط الجيد والجودة العالية والمواقع المتميزة فضلاً عن مطورين يحظون بسمعة طيبة هي التي ستبرز وتتميز وتتحكم في الأسعار التنافسية كما هو الحال في الأسواق المتطورة».

وشهدت أيضاً أسعار الإيجارات السكنية للوحدات والفلل انخفاضاً في 2008 بمتوسط نمو سنوي قدره 4 و8 في المائة على التوالي. وبلغ متوسط معدلات الإيجارات السنوية لوحدات الاستديو، والغرفة الواحدة، والغرفتين، والثلاث غرف في دبي 80 ألف درهم، و123 ألف درهم، و165 ألف درهم، و243 ألف درهم على التوالي.

وقال تشيمبرز :»قد يؤدي هذا التغيير إلى تحسين تخطيط المشاريع، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى الحد من تأخير أعمال البناء وتأكيد التسليم وفقاً للمواعيد المقررة للمشاريع عالية الجودة».

وجاء في ختام التقرير أن العام 2009 سيشهد عقارات تتمتع بالجودة والقيمة العاليتين والمكان المتميز، حيث سيؤثر تشغيل المترو هذا العام ووسائل النقل العامة على اختيار الأفراد للعقار، مما يعزز قيمة أماكن المباني القريبة من المحطات. وسيكون هناك أيضاً تفاوتاً كبيراً في قيم المبيعات وأسعار الإيجارات لتعكس الجودة والمكان والمرافق لأن الأفراد سيكون أمامهم مجالاً أوسع للاختيار.