أنا هاوي أعمال!

وراء السحابة السوداء التي تهمين على بعض دول الشرق الأوسط ، تشرق شمس ربيعية داخل دول مجلس التعاون تعكس معالم طفرة اقتصادية غير مسبوقة بفضل الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط، واستثمار السيولة الناتجة في العديد من القطاعات الحيوية سواء منها المالية، أو العقارية، أو الصناعية والتجارية. هذا ما قاله علي العامري رجل الأعمال الإماراتي ورئيس شركة «الأعمال الوطنية للاستثمار» التي كانت القاعدة الرئيسة للعديد من الشركات من بينها شركة «بنيان» وتنوعت أنشطتها بين السوق العقارية والبنى التحية والاتصالات وتجارة السيارات الفارهة.

استهل علي العامري حواره مع أريبيان بزنس بعبارة أنا هاوي أعمال وليس رجل أعمال. لتعكس لنا هذه العبارة ولعه وشغفه بعالم الأعمال والبزنس. وتابع بالقول :"ابتدأنا أعمالنا بشركة الأعمال الوطنية للاستثمار والتي تعتبر الشركة الأم التي انبثقت منها شركة بنيان بالمشاركة مع عبد الله عطاطره رئيس مجلس إدارة بنيان، وأحمد صالح. وجاءت بنيان لتؤسس هوية موحدة وقوية، حيث اقتصرت أعمالنا في بادئ الأمر على إنشاء أبراج ضمن مشاريع دبي للتملك الحر. بعد ذلك استثمرنا في مشاريع جميرا ليك تاورز. ومن ثم أشرفنا على إدارة وتسويق سلسلة واسعة من المشاريع التطويرية في المنطقة، مما جعل استثماراتنا تشهد نموا كبيرا، وأصبحنا ندير شبكة من المكاتب في دبي وأبوظبي والشارقة وسلطنة عمان وقطر والرياض ولبنان والأردن والمملكة المتحدة. وبالتالي تمكنا من تأسيس مكانة راسخة حازت على سمعة عالمية وكانت اللبنة الأولى لتأسيس تواجد إقليمي قوي."

وأضاف :"من العوامل المحفزة التي تعمل لصالح البيئة الاستثمارية في المنطقة، عدد السكان الذي ينمو بسرعة، وتوفر رأس المال ومخزونات الطاقة. فأسعار النفط المرتفعة ساعدت خلال العامين الماضيين على وفرة كبيرة في السيولة لدى حكومات المنطقة، إذ ناهزت عوائد النفط لعام 2006 مبلغ 650 مليار دولار. مما أوجد سيولة قوية من المتوقع أن تستمر على الأقل من 3 إلى 5 سنوات، ليس بمعنى أنها ستتوقف بعد ذلك، لكن ربما تستمر أبعد من ذلك. وتوفر هذه السيولة المالية ساعد على إنشاء أنشطة اقتصادية وشركات ومؤسسات لتوظيف الأموال في مجالات مختلفة وغير تقليدية، في الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن التنويع في توظيف هذه الأموال لتوفير عوائد أكبر. فالطفرة الاقتصادية التي تعيشها دول المنطقة أوجدت طموحاً لدى المستثمرين، وهي اليوم تجذب اهتمام المستثمرين بشكل كبير وعلى اختلاف جنسياتهم، ومن الواضح أن هذا التوجه سيستمر في المستقبل، فالإصلاحات التي عرفتها العديد من دول المجلس التعاون استطاعت أن تحسن المناخ الاستثماري والبنية التحتية بشكل كبير بما يتناسب مع التجارة العالمية. ودبي تحديدا باعتبارها سوق المنطقة الغنية، غدت منصة استثمارية مغرية للشركات إقليمية وعالمية. وهذا يعكس انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أفضل 10 وجهات استثمارية عالمية لمستثمرين. أيضا، خطة دبي الاستراتيجية ساعدت بدورها على توسعة الأنشطة الاستثمارية، خاصة وأن جهود توسعة قاعدة الموارد الاقتصادية أسهمت بالفعل في خفض اعتماد دولة الإمارات على موارد النفط والغاز ليتراجع إسهام القطاع في إجمالي الناتج المحلي."

وتبقى هناك مشاكل وتحديات بارزة في المنطقة، وهنا يقول العامري :"ليست هناك سوق خالية من العراقيل. إذا تكلمنا عن الأعمال فالعراقيل تتمثل في التمويل، خاصة وأن المشهد العالمي للتمويل العقاري يعاني تناقضا في الأوضاع لأن الدول المتقدمة عاشت توسعا وتطورا هائلين في مجال التمويل العقاري بما يكاد يصل إلى مرحلة المبالغة مما وضعها على حافة اضطراب مالي مقلق إن لم يكن أزمة حقيقة. وعلى العكس ، الأوضاع في دول المنطقة تكاد تمثل الصورة العكسية تماماً حيث يتضاءل دور التمويل العقاري إلى حد بعيد . ومساحة النمو في هذا المجال لا تزال واسعة لمزيد من النمو، فالتمويل العقاري على سبيل المثال، لا يزال قطاعاً غير مكتمل النمو في المنطقة بالرغم من وجود عدد كبير من مؤسسات التمويل القوية التي ترتكز في أعمالها على نماذج عمل جيدة وفرص نمو واعدة. وبعيدا عن التمويل،تبقى هناك تحديات بارزة على رأسها مخاوف تذبذب أسعار النفط الذي لازال يلعب دوراً مهماً في تعزيز النمو الاقتصادي ليس فقط على المستوى المحلي بل في المنطقة ككل، وكذلك مؤشرات التضخم الذي يعتبر واحداً من أهم التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون خاصة التضخم في أسعار العقارات والإيجارات."

ولا ننسى الأوضاع السياسية التي تعيشها المنطقة. نحن في النهاية مستثمرون والاضطرابات التي تقع في المنطقة مازالت متجهة إلى حلول ديبلوماسية أكثر منها حلولاً عسكرية. لكن هذا لا يمنع أن سياسة الشركات االعاملة في المنطقة تستدعي وجود قسم لإدارة المخاطر. ونحن نبحث هذا الموضوع بكل جدية، وندرسه من منظور الآثار السياسية والانعكاسات الممكنة حتى نكون في منأى عن أي انعكاس سلبي محتمل.

وحول السوق العقارية في المنطقة واحتمال انخفاض أسعار السكن، قال العامري :"رغم التطور الكبير الذي شهدته معظم القطاعات الاقتصادية في المنطقة ودولة الإمارات تحديدا خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن قطاع العقارات كان هو القطاع الأكثر قوة من حيث معدلات النمو المحققة نظرا لجاذبيته الاستثمارية، مما أدى إلى إقبال كبير عليه من قبل المستثمرين لتوظيف أموالهم ولما يتميز به من ارتفاع درجة الأمان وكثافة رأس المال، وارتفاع ربحيته. العديد من المتغيرات الاقتصادية تؤكد أن هذا القطاع لعب وسيظل يلعب دورا متميزا في تنويع البنية الاقتصادية، خاصة وأن دولة الإمارات تمتلك مقومات جاذبة للاستثمار في العقار نظرا لاستقرارها الاقتصادي والاجتماعي مما يسمح لها بالتوسع العمراني على كافة المجالات، سواء كانت وحدات سكنية ، وسياحية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية والتجارية. ورغم هذا الكم الهائل من المعروض إلا أنه يظل غير قادر على ردم ثغرة الطلب ، فالمعروض العقاري أقل من معدل الطلب، وبالتالي فإنه سينعكس على مستوى سعر السوق والذي سيظل في ارتفاع على مدى الخمس سنوات القادمة ، عكس ما تداوله بعض المحللين بشأن انخفاض سعر العقار."

وبينما تتعالى الأصوات المحتجة على أسعار الإيجار الخيالية، يأتي قرار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي بتحديد زيادة بدل إيجارات العقارات التي تجدد خلال 2008 بما لا يتجاوز 5 % من قيمة العقد المبرم بين المؤجر والمستأجر، ويفتح باب الأسئلة أمام مدى انعكاساته على السوق العقارية.

وهنا قال العامري :"أسعار العقارت المبالغ فيها أثرت إلى جانب تكاليف المعيشة المرتفعة، في ارتفاع نسبة التضخم في الإمارات إلى حدود 15 في المائة. وبالتالي القرار الصادر مؤخرا هو قرار صائب يتوخى من خلاله التحكم في نسب التضخم الذي يعود بالضرر على الاقتصاد الوطني. خاصة وأن العقار ساهم بقوة في فيه . القرار بالنسبة لي كمستثمر هو إيجابي يحافظ على استقرار السوق السكني والعقاري وله فوائد كثيرة على النمو الاقتصادي. هذا القرار هو تصحيح لأوضاع خاطئة ومن شأنه أن يعيد التوازن إلى سوق الإيجارات في دولة الإمارات ويحمي المجتمع من آثار التضخم ومن شأنه أن يحمي من الهجرة المعاكسة للمستثمرين إلى الخارج، كما سيؤثر إيجابا على أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة وهو قطاع له أهميته في دورة الاقتصاد ، إلى جانب كونه يحد من الآثار السلبية للتضـــــخم كما يعين المستأجرين محدودي الدخل على مواجهة أعباء الحياة التى ارتفعت تكلفتها بصورة كبيرة."

وعن أهم إنجازات شركة الأعمال الوطنية للاستثمار قال العامري :"حققنا نجاحات استثمارية طيبة في دبي عبر إقامة أعلى مبنى للشقق الفندقية (روز روتانا سويتس) الذي يصل ارتفاعه إلى 333 متراً و72 طابقاً ويتصدر قائمة أطول عشرة مبان تم إنجازها في العام 2007 وفقا لتقرير مجلس البنايات الشاهقة.أيضا من بين مشاريعنا برج بوابة دبي 1 و2، وإقامة برج بوابة الشارقة وبرج اللولو. فنحن نتطلع إلى تطوير مشاريعنا الاستثمارية وفق مفهوم عقاري عصري يعتمد على الشفافية في العرض والتيسير في الطرح على المستهدفين، وبالتالي فإننا ننظر إلى أسواق المنطقة كأكبر الأسواق الاستثمارية العربية والعالمية الواعدة في المجال العقاري الذي يتميز بقوته ونموه الكبير، والذي نتوقع استمرارية نموه المعتمدة على قوة الاقتصاد الإقليمي وحجم السيولة المتدفقة فيه، والذي أيضا يحتاج إلى تنويع في استثماراته ومحافظه الاستثمارية. قمنا باستثمارات عقارية في العديد من الدول العربية يزيد حجمها عن 1.3 مليار دولار، ونحن نسعى إلى التميز في الطرح والأفكار مع تطوير وتنويع محفظتنا، كما نحاول التميز في تصميم مشاريعنا لتكتسب طابع التفرد، وهو ما عملنا عليه عندما أقمنا أعلى مبنى للشقق الفندقية السكنية في العالم. أيضا نحن نفخر بمشروع الماغول الذي أنجزناه بالتعاون مع نخيل. ومشاريع في جمهورية موريتانيا تهم صفقات شاحنات البترول، ومشاريع في ليبيا تهم الجانب التكنولوجي والبنية التحتية، ومشروعاً للاتصالات في كوبا."

وتابع بالقول :"تتركز قوتنا في الرؤية المستقبلية المطورة التي يتمتع بها فريق من أبرز الخبراء، مكمل بشبكة قوية من الشركاء الإستراتيجيين وشركاء العمل. ونحن نبحث بشكل مستمر عن الفرص الاستثمارية المتميزة ضمن مختلف قطاعات الأعمال، وليست مرتكزة فقط على قطاع واحد، لأن هذا يوفر لنا المرونة اللازمة للتعرف بشكل أوضح على مختلف الفرص المتوفرة ضمن كل قطاع على حدة، مع تحديد أبرز الفرص الاستثمارية الواعدة والاستثمار عبرها."

وبعيدا عن الاستثمارات العقارية، أسس علي العامري مشروع لو تابي غوج الموجه إلى سوق السيارات الفارهة، وعن هذا الموضوع يقول :"الطلب العالمي على السيارات الفاخرة سجل نسبة نمو كبيرة، والسوق المحلية تستوعب هذا النوع من السيارات وهناك طلب قوي عليها. وبالتالي ارتأينا إطلاق مشروع لو تابي غوج بالشراكة مع مستثمر فرنسي حيث نقوم بتسويق هذا النوع من السيارات مثل فيراري، لومبيرغيني، إلى هواة التميز وعشاق التألق، خاصة وان القدرة الشرائية لمواطني المنطقة ودبي تحديدا مرتفعة. أيضا نتوخى من هذا المشروع عقد صفقات مع شركات سياحية كبيرة ومع فنادق فاخرة. السوق المحلية تعرف سرعة في نمو الطلب على السيارات الفاخرة والمعدلة ضمن طبعات خاصة حسب طلب الزبائن، وهو ما يجعل كل سيارة فريدة ومختلفة عن البقية. دبي رسخت مكانتها الريادية على الصعيد الإقليمي في العديد من قطاعات الأعمال والتطوير العقاري، ونفخر بدورنا في تكريس موقع الإمارة مجدداً في قطاع السيارات الفاخرة من خلال شركتنا «لو تابي غوج."

واختتم العامري حديثه بالقول :"يجب الاستفادة من هذه الطفرة خاصة بعد تحرر الأسواق وقيام السوق الخليجية المشتركة التي جعلت دول المجلس سوقا متكاملة . فالحكومة فتحت مجالات وشرعت قوانين وهذا يعكس حجم الاستثمارات الخليجية التي أصبحت تثير قلق الأسواق الأجنبية."