الأقل تأثراً

وهو ما سيفتح لها آفاق مستقبلية، فالأزمة سلطت الضوء على صناعة الصيرفة الإسلامية، وجعلتها في بؤرة اهتمام العالم، حيث توقع الناصر لهذا القطاع نموا غير مسبوق، خاصة وأن أسواقا كثرة انفتحت أمامها لم تكن مفتوحة من قبل، مثل فرنسا واليابان وأسبانيا.

واعترف العالم بها وبقوة وصلابة الأسس التي تقوم عليها، بعد أن كانت في الماضي موضع جدل ونقاش. وبعد أن كان السؤال «هل تستطيع البقاء أم لا؟» وأصبح الحديث اليوم «هل تكون الصيرفة الإسلامية بديلا للنظام المالي العالمي؟» وهذا برأي الناصر ما يجعلها مؤهلة لاقتطاع حصة أكبر من القطاع المالي العالمي الذي لا تشكل منه حاليا سوى 6 %.

التقاط الأنفاس

أدى ضعف الرقابة على حركة المصارف والائتمان إلى تفجر الوضع الاقتصادي، خاصة وأن المؤسسات المالية عملت في جو مليء بالمخاطر، ومهدد بالانفجار، وهو فعلا ما حدث. وبرأي الناصر فان ذلك كان يستلزم وجود رقابة كافية على البنوك والمؤسسات المالية، لتلزمها بحدود معينة في قبول المخاطر، ووضع حدود للاقتراض مقابل رأس المال ومعايير لتسديد الديون وتشديد الرقابة على مؤسسات التصنيف الائتماني وشركات المحاسبة الخارجية، حيث قال:»نحن بحاجة إلى رقابة حكيمة على الأسواق المالية تتسم بالدقة والمرونة وبالضوابط المناسبة ولا شك أن في الضوابط التي تحكم المعاملات في الشريعة الإسلامية التي تحرم بيع الإنسان مالا يملك وهو البيع على المكشوف كما تحرم المقامرة الماثلة في المشتقات والربا والتي هي أصل كل بلاء باعتراف جميع العقلاء في العالم. وهي تمنع الإنسان من الاستدانة إذا لم يكن يستطيع السداد وجعلت هناك أحكاما لإعسار المدين حيث يتم إمهاله حتى يصبح قادرا على التسديد» وهو ما حال بين البنوك الإسلامية والوقوع في الأزمة.

وهنا يؤكد الناصر على ضرورة وجود رقابة شرعية في البنوك الإسلامية، كدائرة أساسية، ويقول أنها إن لم توجد فالبنك ليس إسلاميا، حتى ولو كان اسمه موحيا بذلك، وتكون هذه الدائرة ذات سلطة وقرارات ملزمة للبنك.

أما السؤال الأهم في هذا الموضوع، والذي باتت إجابته تؤرق الكثيرين من مديري المصارف والبنوك فهو: كيف يمكن أن يستعيد قطاع المصارف الثقة؟ خاصة مع الإنتكاسة التي تعرض لها بسبب الأزمة. وعلى هذا السؤال يجيب الناصر بالقول أن القطاع يحتاج إلى بعض الوقت حتى يلتقط أنفاسه وتتضح الرؤية حول الأوراق المالية المسببة للأزمة، وتكشف جميع المؤسسات عن ما لديها.

ويعتقد الناصر بأن هذا الانتظار لن يتعدى نتائج الربع الثاني من عام 2009 حيث أن البنوك لا تستطيع تحمل أكثر من هذا الوقت في الاحتفاظ بالسيولة، إضافة إلى أن المؤسسات التي لديها أية خسائر ناتجة عن هذه ألازمة لن تبقى حتى ذلك الحين قبل الكشف عنها، حيث تعاني الأسواق الآن من عسر ائتماني يحول دون حصول هذه المؤسسات على الأموال لتغطية ذلك.

كما أن شركات التصنيف الائتماني وشركات المراجعة الخارجية أصبحت أكثر حذرا ودقة في تقييم المخاطر، والكشف عنها ،حيث أنها لا تريد أن تكون الضحية. فلا سبيل للتغطية على أخطاء المؤسسات المالية اليوم ولا مناص من الكشف عنها.

لقد استطاعت البنوك الإسلامية تفادي الكثير من أمواج الأزمة الجارفة، وذلك بفعل طريقة عملها التي أبعدتها عن التأثر بشكل كبير بالأزمة المالية العالمية، وجعلتها أقل تأثرا من البنوك التقليدية التي انهار أو أفلس بعضها، أو لجأت إلى الإندماج مع غيرها تفاديا للأزمة، وهو ما يجعل منها مثالا يحتذى به.